فصل: السَّابِعُ (تَشَهُّدٌ أَوَّلُ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: أَقْوَالُ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالُهَا:

تَنْقَسِمُ أَقْوَالُ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالُهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

.الْأَوَّلُ: مَا لَا يَسْقُطُ عَمْدًا وَلَا سَهْوًا وَلَا جَهْلًا:

وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهِ: فَرْضًا وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهِ رُكْنًا تَشْبِيهًا لَهُ بِرُكْنِ الْبَيْتِ الَّذِي لَا يَقُومُ إلَّا بِهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِهِ، وَالْخُلْفُ لَفْظِيٌّ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي مَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ عَمْدًا لَا سَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَيُجْبَرُ بِالسُّجُودِ وَأَطْلَقُوا عَلَيْهِ الْوَاجِبَاتِ اصْطِلَاحًا.
الضَّرْبُ الثَّالِثُ مَا لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ وَلَوْ عَمْدًا وَهُوَ السُّنَنُ.
وَقَدْ ذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيب، فَقَالَ: (أَرْكَانُ الصَّلَاةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ) لِلِاسْتِقْرَاءِ.
وَعَدَّهَا فِي الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا اثْنَيْ عَشَرَ وَفِي الْبُلْغَةِ: عَشْرَة وَعَدَّ مِنْهَا النِّيَّةَ (وَهِيَ) أَيْ الْأَرْكَانُ جَمْعُ رُكْنٍ وَهُوَ جَانِبُ الشَّيْءِ الْأَقْوَى وَاصْطِلَاحًا (مَا كَانَ فِيهَا) احْتِرَاز عَنْ الشَّرْطِ (وَلَا يَسْقُط عَمْدًا) خَرَجَ بِهِ السُّنَنُ (وَلَا سَهْوًا وَلَا جَهْلًا) خَرَجَ بِهِ الْوَاجِبَاتُ أَحَدُ الْأَرْكَانِ:

.(الْقِيَامُ فِي فَرْضٍ لِقَادِرٍ):

عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ «صَلِّ قَائِمًا سِوَى عُرْيَانٍ» لِمَا تَقَدَّمَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ (وَ) سِوَى (خَائِفٍ بِهِ) أَيْ بِالْقِيَامِ، كَالْمُصَلِّي بِمَكَانٍ لَهُ حَائِطٌ يَسْتُرُهُ جَالِسًا لَا قَائِمًا وَيَخَافُ بِقِيَامِهِ لِصًّا أَوْ عَدُوًّا فَيُصَلِّي جَالِسًا لِلْعُذْرِ (وَلِمُدَاوَاةٍ) لِمَرِيضٍ يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ لَكِنْ لَا تُمْكِنُ مُدَاوَاتُهُ مَعَ قِيَامِهِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ وَيَأْتِي فِي صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ: لِمَرِيضٍ يُطِيقُ قِيَامًا الصَّلَاةَ مُسْتَلْقِيًا لِمُدَاوَاةٍ، بِقَوْلِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ ثِقَةٍ (وَقِصَرِ سَقْفٍ لِعَاجِزٍ عَنْ الْخُرُوجِ) لِحَبْسٍ، أَوْ تَوَكُّلٍ بِهِ وَنَحْوِهِ (وَمَأْمُومٍ خَلْفَ إمَامِ الْحَيِّ الْعَاجِزِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْقِيَامِ (بِشَرْطِهِ).
وَهُوَ أَنْ يُرْجَى زَوَالُ عِلَّتِهِ وَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مُفَصَّلًا (وَحَدُّهُ) أَيْ الْقِيَامُ (مَا لَمْ يَصِرْ رَاكِعًا) قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ (وَلَا يَضُرُّ خَفْضُ الرَّأْسِ عَلَى هَيْئَةِ الْإِطْرَاقِ) لِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى قَائِمًا (وَالرُّكْنُ مِنْهُ) أَيْ الْقِيَامِ (الِانْتِصَابُ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَفِيمَا بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى (بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَقَطْ) لِمَا تَقَدَّمَ: أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَبَدَلهَا مِنْ الذِّكْرِ وَقَفَ بِقَدْرِهَا وَفِي الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ بِقَدْرِ التَّحْرِيمَةِ، بِدَلِيلِ إدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ فَرْضَ الْقِيَامِ بِذَلِكَ وَرَدَّهُ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ، بِأَنَّ ذَلِكَ رُخْصَةٌ فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ خَاصَّةً، لِإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ.
(وَإِنْ أَدْرَكَ) الْمَأْمُومُ (الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ ف) الرُّكْنُ مِنْ الْقِيَامِ (بِقَدْرِ التَّحْرِيمَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ وَقَفَ غَيْرَ مَعْذُورٍ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَكْثَرِ) خِلَافًا لِابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ قَالَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَنَقَلَ خَطَّابُ بْنُ بِشْرٍ لَا أَدْرِي وَمَا قَامَ مَقَامَ الْقِيَامِ، (وَهُوَ الْقُعُودُ وَنَحْوُهُ) كَالِاضْطِجَاعِ (لِلْعَاجِزِ) عَنْ الْقِيَامِ أَوْ عَنْهُ وَعَنْ الْقُعُودِ (وَ) كَالْقُعُودِ فِي حَقِّ (الْمُتَنَفِّلِ فَهُوَ رُكْنٌ فِي حَقِّهِ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الرُّكْنِ، (وَ):

.الثَّانِي (تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ):

لِحَدِيثِ: «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ» (وَلَيْسَتْ) تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ (بِشَرْطٍ) حَتَّى تَكُونَ مِنْ خَارِجِ الصَّلَاةِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ (بَلْ هِيَ مِنْ الصَّلَاةِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» رَوَاه مُسْلِم، (وَ):

.الثَّالِثُ (قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ):

(فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ وَكَذَا عَلَى الْمَأْمُومِ) لِحَدِيثِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» (لَكِنْ يَتَحَمَّلُهَا الْإِمَامُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَأْمُومِ لِلْخَبَرِ قَالَ ابْنُ قُنْدُسٍ: الَّذِي يَظْهَر أَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ إنَّمَا تَقُومُ عَنْ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ: إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةً، احْتِرَازًا عَنْ الْإِمَامِ إذَا كَانَ مُحْدِثًا أَوْ نَجِسًا وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ وَقُلْنَا: بِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ لِعَدَمِ صِحَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَتَكُونُ قِرَاءَتُهُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى رُكْنِ الصَّلَاةِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْ الْمَأْمُومِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، لَكِنْ لَمْ أَجِدْ مِنْ أَعْيَانِ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ مَنْ اسْتَثْنَاهُ نَعَمْ وَجَدْتُهُ فِي بَعْضِ كَلَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَشْيَاخِ وَالْأَخْبَارِ: خِلَافُهُ لِلْمَشَقَّةِ، (وَ):

.الرَّابِعُ (الرُّكُوعُ) إجْمَاعًا:

وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} وَحَدِيثُ الْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي فَقَالَ: إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» رَوَاه الْجَمَاعَةُ، وَلِمُسْلِمٍ وَعَزَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ إلَى الْبُخَارِيِّ «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُسَمَّاةَ فِي الْحَدِيثِ لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ، فَإِنَّهَا لَوْ سَقَطَتْ لَسَقَطَتْ عَنْ الْأَعْرَابِيّ لِجَهْلِهِ بِهَا (إلَّا) الرُّكُوعَ (بَعْدَ) رُكُوعٍ (أَوَّلٍ فِي) صَلَاةِ (كُسُوفٍ) فَسُنَّةٌ وَكَذَا الرَّفْعُ مِنْهُ وَالِاعْتِدَالُ بَعْدَهُ (وَتَقَدَّمَ الْمُجْزِئُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ، (وَ):

.الْخَامِسُ (الِاعْتِدَالُ بَعْدَهُ):

أَيْ بَعْدَ الرُّكُوعِ رُكْنٌ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا» وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاوَمَ عَلَيْهِ وَقَالَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (فَدَخَلَ فِيهِ) أَيْ فِي الِاعْتِدَالِ عَنْ الرُّكُوعِ (الرَّفْعُ مِنْهُ) لِاسْتِلْزَامِهِ لَهُ هَكَذَا فَعَلَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَفَرَّقَ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا بَيْنَهُمَا فَعَدُّوا كُلًّا مِنْهُمَا رُكْنًا، لِتَحَقُّقِ الْخِلَافِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (وَتَقَدُّمُ الْمُجْزِئِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِاعْتِدَالِ فِي قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ: فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا وَتَقَدَّمَ حَدُّ الْقِيَامِ (وَلَوْ طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ الْأَنْمَاطِيُّ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُطِيلُ الِاعْتِدَالَ وَالْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، (وَ):

.السَّادِسُ (السُّجُودُ) إجْمَاعًا (وَ) السَّابِعُ (الِاعْتِدَالُ عَنْهُ):

يَعْنِي الرَّفْعَ مِنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ، (وَ):

.الثَّامِنُ (الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ):

لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا» رَوَاه مُسْلِمٌ وَلَوْ أَسْقَطَ مَا قَبْلَ هَذَا لَدَخَلَ فِيهِ كَمَا فَعَلَ فِي الِاعْتِدَالِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ، (وَ):

.التَّاسِعُ (الطُّمَأْنِينَةُ فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ):

أَيْ فِي الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ عَنْهُ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِمَا سَبَقَ وَلِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ «أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ فَقَالَ لَهُ: مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مِتَّ مِتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاه الْبُخَارِيّ وَظَاهِرُهُ: أَنَّهَا رُكْنٌ وَاحِدٌ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْقِيَامَ، قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (بِقَدْرِ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ لِذَاكِرِهِ وَلِنَاسِيهِ بِقَدْرِ أَدْنَى سُكُونٍ وَكَذَا) فِي أَدْنَى سُكُونٍ (لِمَأْمُومٍ بَعْدِ انْتِصَابِهِ مِنْ الرُّكُوعِ لِأَنَّهُ لَا ذِكْرَ فِيهِ) هَذِهِ التَّفْرِقَةُ لَمْ أَجِدْهَا فِي الْفُرُوعِ وَلَا الْمُبْدِعِ وَلَا الْإِنْصَافِ وَلَا غَيْرِهَا مِمَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ وَفِيهَا نَظَرٌ لِأَنَّ الرُّكْنَ لَا يَخْتَلِفُ بِالذَّاكِرِ وَالنَّاسِي بَلْ فِي كَلَامِ الْإِنْصَافِ مَا يُخَالِفُهَا، فَإِنَّهُ حَكَى فِي الطُّمَأْنِينَةِ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا هِيَ السُّكُونُ وَإِنْ قَلَّ وَقَالَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي: بِقَدْرِ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَتَبِعَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَهُوَ الْأَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَفَائِدَتُهُ الْوَجْهَيْنِ: إذَا نَسِيَ التَّسْبِيحَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ أَوْ التَّحْمِيدَ فِي اعْتِدَالِهِ، أَوْ سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ فِي جُلُوسِهِ، أَوْ عَجَزَ عَنْهُ لِعُجْمَةٍ أَوْ خَرَسٍ أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ، وَقُلْنَا هُوَ سُنَّةٌ وَاطْمَأَنَّ قَدْرًا لَا يَتَّسِعُ لَهُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَلَا تَصِحُّ عَلَى الثَّانِي، (وَ):

.الْعَاشِرُ (التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ):

هُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِهِ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ»- الْخَبَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ «كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُولُوا هَكَذَا، وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ» وَذَكَرَهُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَقَالَ عُمَرُ لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ إلَّا بِتَشَهُّدٍ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ (وَالرُّكْنُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ (مَا يُجْزِئُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةِ اللَّهِ سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَوْ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) لِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ عَلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا عَدَاهُ فَإِنَّهُ أُثْبِتَ فِي بَعْضِهَا، وَتُرِكَ فِي بَعْضِهَا.
(قَالَ الشَّارِحُ، قُلْتُ وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَر) لِأَنَّ الَّذِي تُرِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَمْ يُتْرَكْ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ بَلْ أُثْبِتَ بَدَلُهُ وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ بِالْمَرَّةِ، بَلْ عَلَى وُجُوبِهِ أَوْ وُجُوبِ بَدَلِهِ (وَهُوَ كَمَا قَالَ) أَيْ الشَّارِحُ لِقُوَّةِ مَا عُلِّلَ بِهِ، (وَ):

.الْحَادِيَ عَشَرَ (الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْده):

أَيْ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَلَا تُجْزِئُ إنْ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ كَعْبٍ وَسَبَقَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَلَا مَوْضِعَ تَجِبُ فِيهِ الصَّلَاةُ أَوْلَى مِنْ الصَّلَاةِ (وَالرُّكْنُ مِنْهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِيمَا سَبَقَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَعَدَّ الْمُصَنِّفُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُكْنًا مُسْتَقِلًّا تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْفُرُوعِ، وَأَمَّا صَاحِبُ الْمُنْتَهَى وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فَقَدْ جَعَلُوهَا مِنْ جُمْلَةِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، (وَ):

.الثَّانِي عَشَرَ (الْجُلُوسُ لَهُ) وَلِلتَّسْلِيمَتَيْنِ:

لِمُدَاوَمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجُلُوسِ لِذَلِكَ، وَقَوْله «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، (وَ):

.الثَّالِثَ عَشَرَ (التَّسْلِيمَتَانِ):

لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ»
وَقَالَتْ عَائِشَةُ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْتِمُ صَلَاتَهُ بِالتَّسْلِيمِ» وَثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَلِأَنَّهُمَا نُطْقٌ مَشْرُوعٌ فِي أَحَدِ طَرَفَيْهَا فَكَانَ رُكْنًا كَالطَّرَفِ الْآخَرِ (إلَّا فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ وَسُجُودِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ) فَيَخْرُجُ مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ.
(وَ) إلَّا فِي (نَافِلَةٍ فَتُجْزِي) تَسْلِيمَةٌ (وَاحِدَةٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْمَجْدُ) عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ تَيْمِيَّةَ قَالَ (فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ النَّفْلِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ الْقَاضِي الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ فِي الْجِنَازَةِ وَالنَّافِلَةِ رِوَايَة وَاحِدَة انْتَهَى) وَظَاهِر مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّفَلَ كَالْفَرْضِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى (وَهُمَا) أَيْ التَّسْلِيمَتَانِ (مِنْ الصَّلَاةِ) كَسَائِرِ الْأَرْكَانِ فَلَا يَقُومُ الْمَسْبُوقُ قَبْلَهُمَا، (وَ):

.الرَّابِعَ عَشَرَ (التَّرْتِيبُ):

أَيْ تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ عَلَى مَا ذُكِرَ هُنَا، أَوْ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، فَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّيهَا مُرَتَّبَةً وَعَلَّمَهَا لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ مُرَتَّبَةً بِثُمَّ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَبْطُلُ بِالْحَدَثِ، فَكَانَ التَّرْتِيبُ فِيهَا رُكْنًا كَغَيْرِهِ، (وَ):

.الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَأَقْوَالِهَا: (وَاجِبَاتُهَا):

الَّتِي تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا عَمْدًا وَتَسْقُطُ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا نَصًّا) خَرَجَ بِهِ الشُّرُوطُ وَالْأَرْكَانُ (وَلَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِهِ) أَيْ بِتَرْكِهَا سَهْوًا أَوْ جَهْلًا (وَيُجْبِرُهُ) أَيْ تَرْكُهَا لِذَلِكَ (السُّجُودُ) أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ (ثَمَانِيَةٌ) خَبَر: وَاجِبَاتُهَا وَالْمَوْصُولُ نَعْتٌ، وَجَعَلَهُ خَبَرًا يُؤَدِّي إلَى التَّعْرِيفِ بِالْحُكْمِ.
فَيَلْزَمُهُ الدَّوْرُ أَحَدُهَا:

.(التَّكْبِيرُ) لِلِانْتِقَالِ (فِي مَحَلِّهِ):

وَهُوَ مَا بَيْنَ انْتِقَالٍ وَانْتِهَاءٍ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُكَبِّرُ كَذَلِكَ وَقَالَ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي».
وَعَنْهُ سُنَّةٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَلِّمْهُ الْمُسِيءَ فِي صَلَاتِهِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ قُلْنَا: وَلَمْ يُعَلِّمْهُ التَّشَهُّدَ وَلَا السَّلَامَ، وَلَعَلَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى تَعْلِيمهِ مَا أَسَاءَ فِيهِ (فَلَوْ شَرَعَ) الْمُصَلِّي (فِيهِ) أَيْ التَّكْبِيرِ (قَبْلَ انْتِقَالِهِ) كَأَنْ يُكَبِّرَ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ هُوِيِّهِ إلَيْهِ (أَوْ كَمَّلَهُ) أَيْ التَّكْبِيرَ (بَعْدَ انْتِهَائِهِ) بِأَنْ كَبَّرَ وَهُوَ رَاكِعٌ أَوْ وَهُوَ سَاجِدٌ بَعْدَ انْتِهَاءِ هُوِيِّهِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) ذَلِكَ التَّكْبِيرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ فِي مَحَلِّهِ (كَتَكْمِيلِهِ وَاجِبَ قِرَاءَةٍ رَاكِعًا، أَوْ شُرُوعِهِ فِي تَشَهُّدٍ قَبْلَ قُعُودِهِ، وَكَمَا لَا يَأْتِي بِتَكْبِيرِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فِيهِ) أَيْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ (وَيُجْزِئُهُ فِيمَا بَيْنَ ابْتِدَاءِ الِانْتِقَالِ وَانْتِهَائِهِ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّهِ).
قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَكْبِيرُ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَالنُّهُوضِ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ ابْتِدَاءِ الِانْتِقَالِ وَانْتِهَاؤُهُ مَعَ انْتِهَائِهِ فَإِنْ كَمَّلَهُ فِي جُزْءٍ مِنْهُ أَجْزَأَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ عَنْ مَحَلِّهِ وَإِنْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَهُ أَوْ كَمَّلَهُ بَعْدَهُ فَوَقَعَ بَعْضُهُ خَارِجًا مِنْهُ فَهُوَ كَتَرْكِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَمِّلْهُ فِي مَحَلِّهِ فَأَشْبَهَ مَنْ تَعَمَّدَ قِرَاءَتَهُ رَاكِعًا أَوْ أَخَذَ فِي التَّشَهُّدِ قَبْلَ قُعُودِهِ هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ يَعْسُرُ، وَالسَّهْوُ بِهِ يَكْثُرُ فَفِي الْإِبْطَالِ بِهِ وَالسُّجُودِ لَهُ مَشَقَّةٌ (غَيْر تَكْبِيرَتَيْ إحْرَامٍ وَرُكُوعِ مَأْمُومٍ أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا فَإِنَّ الْأُولَى) وَهِيَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ (رُكْنٌ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَالثَّانِيَةُ) وَهِيَ تَكْبِيرَةُ مَأْمُومٍ أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا (سُنَّةٌ) لِلِاجْتِزَاءِ عَنْهَا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ التَّكْبِيرِ، (وَ):

.الثَّانِي مِنْ الْوَاجِبَاتِ (التَّسْمِيعُ):

أَيْ قَوْل: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ (لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ) دُونَ مَأْمُومٍ لِمَا تَقَدَّمَ، (وَ):

.الثَّالِثُ (التَّحْمِيدُ):

أَيْ قَوْل: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ (لِكُلٍّ) مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ النُّصُوصِ، فِعْلًا لَهُ وَأَمْرًا بِهِ، (وَ):

.الرَّابِع (تَسْبِيحُ) (رُكُوعٍ وَ) الْخَامِس تَسْبِيحُ (سُجُودٍ وَ) السَّادِس (رَبِّ اغْفِرْ لِي):

بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (مَرَّةً) وَ(مَرَّةً وَفِيهِنَّ) أَيْ فِي التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ وَسُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ فِي رُكُوعٍ وَسُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى فِي السُّجُودِ وَرَبِّ اغْفِرْ لِي بَيْن السَّجْدَتَيْنِ (مَا فِي التَّكْبِيرِ) مِنْ اعْتِبَارِ الْإِتْيَانِ بِهِنَّ فِي مَحَلّهنَّ الْمَعْلُومِ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ فَلَوْ أَتَى بِتَسْبِيحِ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ فِي حَالِ هُوِيِّهِ، كَرُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ، أَوْ بِرَبِّ اغْفِرْ لِي قَبْلَ قُعُودِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَالتَّسْمِيعُ يَأْتِي بِهِ فِي انْتِقَالهِ وَالتَّحْمِيدُ يَأْتِي بِهِ الْمَأْمُومُ فِي رَفْعِهِ وَغَيْرِهِ فِي اعْتِدَالِهِ، (وَ):

.السَّابِعُ (تَشَهُّدٌ أَوَّلُ):

لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ وَدَاوَمَ عَلَى فِعْلِهِ وَأَمَرَ بِهِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ حِين نَسِيَهُ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ لِسُقُوطِهَا بِالسَّهْوِ وَانْجِبَارهَا بِالسُّجُودِ كَوَاجِبَاتِ الْحَجِّ (عَلَى غَيْرِ مَأْمُومٍ قَامَ إمَامُهُ عَنْهُ سَهْوًا) فَيُتَابِعهُ (وَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَتَقَدَّمَ الْمُجْزِئُ مِنْهُ قَرِيبًا) فِي الْأَرْكَانِ، (وَ):

.الثَّامِنُ (الْجُلُوسُ لَهُ):

لِمَا تَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِ مَأْمُومٍ قَامَ إمَامُهُ عَنْهُ سَهْوًا (وَمَا عَدَا ذَلِكَ) الْمُتَقَدِّمُ فِي الْأَرْكَانِ وَالْوَاجِبَاتِ.

.(سُنَنُ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ وَهَيْئَاتٍ):

فَسُنَنُ الْأَقْوَالِ سَبْعَةَ عَشَر الِاسْتِفْتَاحُ، وَالتَّعَوُّذُ، وَالْبَسْمَلَةُ، وَالتَّأْمِينُ، وَقِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي كُلٍّ مِنْ) الرَّكْعَتَيْنِ (الْأُولَيَيْنِ) مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ مَغْرِبٍ (وَ) فِي (صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالتَّطَوُّعِ كُلِّهِ، وَالْجَهْرُ وَالْإِخْفَاتُ) فِي مَحَالِّهِمَا، وَقَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمُقْنِعَ وَغَيْرَهُ وَنَاقَشَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُمَا هَيْئَةٌ لِلْقَوْلِ، لَا قَوْلٌ وَلِذَلِكَ عَدَّهُمَا فِيمَا يَأْتِي مِنْ سُنَنِ الْهَيْئَاتِ (وَقَوْل: مِلْءَ السَّمَوَاتِ) وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ (بَعْدَ التَّحْمِيدِ فِي حَقِّ مَنْ يُشْرَعُ لَهُ قَوْلُ ذَلِكَ) وَهُوَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ، دُونَ الْمَأْمُومِ.
(وَمَا زَادَ عَلَى الْمَرَّةِ مِنْ تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَرَبِّ اغْفِرْ لِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالتَّعَوُّذِ) أَيْ قَوْلُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ إلَى آخِرِهِ (فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَالدُّعَاءِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ آخِرَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُوَ».
وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ فِيمَا سَبَقَ: كَصَاحِبِ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مُبَاحٌ لَا مَسْنُونٌ حَيْثُ قَالُوا: لَا بَأْسَ بِهِ (وَالصَّلَاةُ فِيهِ) أَيْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ (عَلَى آلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْبَرَكَةِ فِيهِ) أَيْ قَوْل: (وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ) إلَى آخِرِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ (وَمَا زَادَ عَلَى الْمُجْزِئِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ) وَتَقَدَّمَ (وَالْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ) لِمَا يَأْتِي فِي بَابه (وَمَا سِوَى ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ (سُنَنُ أَفْعَالٍ وَهَيْئَاتٍ سُمِّيَتْ) أَيْ سَمَّاهَا صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُ (هَيْئَةً لِأَنَّهَا صِفَةٌ فِي غَيْرِهَا) كَسُكُونِ الْأَصَابِعِ مَضْمُومَةً مَمْدُودَةً حَالَ (رَفْعِ الْيَدَيْنِ مَبْسُوطَةً) أَيْ مَمْدُودَةَ الْأَصَابِعِ (مَضْمُومَةَ الْأَصَابِعِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) بِبُطُونِهَا إلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ (عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَ) عِنْدَ (الرُّكُوعِ، وَ) عِنْد (الرَّفْعِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ (وَحَطِّهِمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ (عَقِبَ ذَلِكَ) أَيْ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ الْإِحْرَامِ أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ الرَّفْعِ مِنْهُ.
(وَقَبْضُ الْيَمِينِ عَلَى كُوعِ الشِّمَالِ وَجَعْلِهِمَا تَحْتَ سُرَّتِهِ) بَعْدَ إحْرَامِهِ (وَالنَّظَرُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ) فِي غَيْرِ صَلَاةِ خَوْفٍ وَنَحْوِهَا (وَتَفْرِيقُهُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ) يَسِيرًا (فِي قِيَامِهِ وَمُرَاوَحَتِهِ بَيْنهمَا) أَيْ الْقَدَمَيْنِ (يَسِيرًا) وَتُكْرَهُ كَثْرَتُهُ (وَالْجَهْرُ) فِي مَحَلِّهِ (وَالْإِخْفَاتُ) فِي مَحَلِّهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ عَدَّهُمَا مِنْ سُنَنِ الْأَقْوَالِ (وَتَرْتِيلُ الْقِرَاءَةِ وَالتَّخْفِيفُ فِيهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ (لِلْإِمَامِ) لِحَدِيثِ «مَنْ أَمَّ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ» (وَالْإِطَالَةُ فِي) الرَّكْعَةِ الْأُولَى (وَالتَّقْصِيرُ فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ) فِي غَيْرِ صَلَاةِ خَوْفٍ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي (وَقَبْضُ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ) حَالَ كَوْنِ يَدَيْهِ (مُفَرَّجَتَيْ الْأَصَابِعِ فِي الرُّكُوعِ، وَمَدِّ ظَهْرِهِ) مُسْتَوِيًا (وَجَعْلُ رَأْسِهِ حِيَالَهُ) فَلَا يَخْفِضْهُ وَلَا يَرْفَعْهُ، وَمُجَافَاةُ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ فِي رُكُوعِهِ.
(وَالْبُدَاءَةُ بِوَضْعِ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ فِي سُجُودِهِ، وَرَفْعُ يَدَيْهِ أَوَّلًا فِي الْقِيَامِ) مِنْ سُجُودِهِ (وَتَمْكِينُ كُلِّ جَبْهَتِهِ) وَكُلِّ (أَنْفِهِ، وَكُلِّ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ مِنْ الْأَرْضِ فِي سُجُودِهِ وَمُجَافَاةِ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ) وَمُجَافَاةِ (بَطْنهِ عَنْ فَخِذَيْهِ وَ) مُجَافَاةِ (فَخِذَيْهِ عَنْ سَاقَيْهِ) فِي سُجُودِهِ (وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ) فِي سُجُودِهِ (وَإِقَامَةُ قَدَمَيْهِ، وَجَعْلُ بُطُونِ أَصَابِعِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ مُفَرَّقَةً فِيهِ) أَيْ فِي السُّجُودِ.
(وَفِي الْجُلُوسِ) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، أَوْ لِلتَّشَهُّدِ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ (وَوَضْعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ مَبْسُوطَةَ) الْأَصَابِعِ إذَا سَجَدَ، (وَتَوْجِيهُ أَصَابِعِ يَدَيْهِ مَضْمُومَةً نَحْو الْقِبْلَةِ وَمُبَاشَرَةُ الْمُصَلِّي بِيَدَيْهِ وَجَبْهَتِهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ حَائِلٌ مُتَّصِلٌ بِهِ (وَعَدَمهَا) أَيْ عَدَمُ الْمُبَاشَرَةِ (بِرُكْبَتَيْهِ، وَقِيَامُهُ إلَى الرَّكْعَةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ، مُعْتَمِدًا) بِيَدَيْهِ (عَلَى رُكْبَتَيْهِ) إلَّا أَنْ يَشُقَّ فَبِالْأَرْضِ (وَالِافْتِرَاشُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَ) الِافْتِرَاشُ (فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالتَّوَرُّكُ فِي) التَّشَهُّدِ (الثَّانِي وَوَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ مَبْسُوطَتَيْنِ مَضْمُومَتَيْ الْأَصَابِعِ مُسْتَقْبِلًا بِهَا الْقِبْلَةَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَكَذَا فِي التَّشَهُّدِ) الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (لَكِنْ يَقْبِضُ مِنْ الْيَمِينِ).
وَفِي نُسْخَةٍ: الْيُمْنَى (الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرَ، وَيُحَلِّقُ إبْهَامَهَا مَعَ الْوُسْطَى، وَيُشِيرُ بِسَبَّابَتِهَا) عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتُسَمَّى السِّبَاحَةَ (وَالْتِفَاتُهُ يَمِينًا وَشِمَالًا فِي تَسْلِيمِهِ، وَتَفْضِيلُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الِالْتِفَاتِ وَنِيَّةُ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ) بِالسَّلَامِ وَتَقَدَّمَتْ أَدِلَّةُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهَا.
(وَالْخُشُوعُ)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (وَهُوَ مَعْنًى يَقُومُ بِالنَّفْسِ يَظْهَرُ مِنْهُ سُكُونُ الْأَطْرَافِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فِي الْعَابِثِ بِلِحْيَتِهِ لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ» قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْخُشُوعُ الْخُضُوعُ وَالْإِخْبَاتُ الْخُشُوعُ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} أَيْ خَائِفُونَ مِنْ اللَّهِ، مُتَذَلِّلُونَ لَهُ، مُلْزِمُونَ أَبْصَارَهُمْ مَسَاجِدَهُمْ، وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} أَيْ الْمُخْبِتِينَ وَالْخُشُوعُ: الْإِخْبَاتُ وَمِنْهُ الْخُشْعَةُ لِلرَّمْلَةِ الْمُتَطَامِنَةِ وَالْخُضُوعُ: اللِّينُ وَالِانْقِيَادُ وَلِذَلِكَ يُقَال: الْخُشُوعُ بِالْجَوَارِحِ وَالْخُضُوعُ بِالْقَلْبِ.
(قَالَ الشَّيْخُ إذَا غَلَبَ الْوَسْوَاسُ عَلَى أَكْثَرِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا) لِأَنَّ الْخُشُوعَ سُنَّةٌ وَالصَّلَاةُ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِ سُنَّةٍ وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَجِيهُ الدِّينِ: أَنَّ الْخُشُوعَ وَاجِبٌ وَعَلَيْهِ فَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ غَلَبَ الْوَسْوَاسُ عَلَى أَكْثَرِ صَلَاتِهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: مُرَادهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي بَعْضِهَا وَإِنْ أَرَادَ فِي كُلِّهَا فَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ بِتَرْكِهِ فَخِلَافُ قَاعِدَةِ تَرْكِ الْوَاجِبِ وَإِنْ بَطَلَ بِهِ، فَخِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَكِلَاهُمَا خِلَافُ الْأَخْبَارِ ا هـ وَلَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَابِثَ بِلِحْيَتِهِ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ، مَعَ قَوْلِهِ «لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ».
قَالَ فِي شَرْح الْمُنْتَهَى: وَهَذَا مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ خُشُوعِهِ فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا (وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا) أَيْ الصَّلَاةَ (لَا تَبْطُلُ بِعَمَلِ الْقَلْبِ وَلَوْ طَالَ) وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِ الْخُشُوعِ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ غَلَبَ الْوَسْوَاسُ عَلَى أَكْثَرِ صَلَاتِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا عِنْدَهُمَا وَلَا يُشْرَعُ السُّجُودُ لِتَرْكِ سُنَّةٍ وَلَوْ قَوْلِيَّةً) كَالِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ لِأَنَّ السُّجُودَ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ، فَلَا يُشْرَعُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ (وَإِنْ سَجَدَ) لِتَرْكِ سُنَّةٍ قَوْلِيَّةٍ أَوْ فِعْلِيَّةٍ (فَلَا بَأْسَ بِهِ نَصًّا) لِعُمُومِ حَدِيثِ ثَوْبَانَ مَرْفُوعًا «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ» رَوَاه أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.
(وَإِنْ اعْتَقَدَ الْمُصَلِّي الْفَرْضَ سُنَّةً أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ اعْتَقَدَ السُّنَّةَ فَرْضًا (أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا) لَا فَرْضًا وَلَا سُنَّةً (وَأَدَّاهَا عَلَى ذَلِكَ) الْوَجْهِ السَّابِقِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ وَالْوَاجِبَاتِ (وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَعْرِفْ الشَّرْطَ مِنْ الرُّكْنِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ) قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ لَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَعْرِفَ الرُّكْنَ مِنْ الشَّرْطِ وَالْفَرْضَ مِنْ السُّنَّةِ، وَرَدَّ الْمَجْدُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَحِّحْ الِائْتِمَامَ بِمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْفَاتِحَةَ نَفْلٌ بِفِعْلِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، مَعَ شِدَّةِ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَا هُوَ الْفَرْضُ وَالسُّنَّةُ وَلِأَنَّ اعْتِقَادَ الْفَرْضِيَّةِ وَالنَّفْلِيَّةِ مُؤَثِّرٌ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ، لَا تَفَاصِيلِهَا لِأَنَّ مَنْ صَلَّى يَعْتَقِدُ الصَّلَاةَ فَرِيضَةً يَأْتِي بِأَفْعَالٍ تَصِحُّ مَعَهَا، بَعْضُهَا فَرْضٍ وَبَعْضُهَا نَفْلٌ وَهُوَ يَجْهَلُ مِنْ الْفَرْضِ السُّنَّةَ، أَوْ يَعْتَقِدُ الْجَمِيعَ فَرْضًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ إجْمَاعًا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعُ.
(خَاتِمَةٌ) إذَا تَرَكَ شَيْئًا وَلَمْ يَدْرِ: أَفَرْضٌ أَوْ سُنَّةٌ؟ لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُهُ لِلشَّكِّ فِي صِحَّتِهِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَرَدَّدَ فِي وُجُوبِهِ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِعْلَهُ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا جَاهِلًا حُكْمُهُ بِأَنْ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ قَطُّ أَنَّ عَالِمًا قَالَ بِوُجُوبِهِ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ تَارِكِهِ سَهْوًا فَإِنْ عَلِمَ قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِ سُجُودِ السَّهْوِ كَفَاهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ.